القائمة الرئيسية

الصفحات

العلاقة بين العقل والنقل

لقد تمت مراجعة هذا المقال في المدونة الجديدة للاطلاع عليه يرجى الضغط على زر زيارة المقال أسفله

زيارة المقال

الحمد لله الذي فصل آياته للناس لعلهم يعقلون، والصلاة والسلام على من بعث بالبرهان والنور المبين وبعد 

فإن العلاقة ما بين النقل والعقل، من العلاقات التي في عدم تحديدها هلاك وضلال كبير، وذلك لكون كل أغلب الفتن إن لم تكن كلها كانت بسبب تقديم العقل على النقل ولو بشكل غير مباشر كما سنرى إن شاء الله لاحقا في هذا المقال، لذلك لابد من الرجوع لكتاب الله عز وجل، وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم لنعرف ماهية العلاقة بين النقل والعقل، فأقول مستعينا بالله عز وجل

إن الله عز وجل بين بشكل صريح العلاقة بين العقل والنقل وذلك بحسب المرء، فخاطب الإنسان بالأدلة العقلية البحتة التي تثبت أنه سبحانه الإله الذي لا إله غيره، مثال ذلك قوله جل وعلا 

﴿إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم﴾

وقوله سبحانه 

﴿واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا﴾

 كما قدم الأدلة على صدق رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بحيث لا يكون للعقل البشري مفر من التسليم لله عز وجل إلها واحدا، ويقر بصدق نبوة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وأن كل ما أخبر به من عند الله عز وجل، سواء كان بين دفتي المصحف أو كان ما صح عنه خارج المصحف، فإذا اقتنع الإنسان بما سبق، ولا يمكنه غير الاقتناع نظرا لقوة الأدلة ووضوحها -  لا يبقى له إلا خيارين: 

إما أن يستكبر ويكفر، كما هي حال أغلب البشر، وساعتها يواصل رحلة التيه في الظلمات ليس له من هاد سوى الهوى الذي يغلفه بزخرف القول غرورا.

وإما أن يذعن لما سبق ويسلم لله رب العالمين، وساعتها تتحول العلاقة بين العقل والنقل من علاقة تشكيك في  مصداقية النقل حتى تثبت كما ورد في قوله سبحانه 

﴿وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين﴾

إلى علاقة تسليم، يسلم فيها العقل للنقل بشكل مطلق، حيث يقتصر دور العقل على فهم الأوامر الصادرة من رب العالمين لينفذها المرء حرفيا كما أمر، ودليل ذلك قوله سبحانه: 

﴿واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور﴾

فالمسلم بعد أن أسلم ليس له غير السمع والطاعة وحسب، أي أن دور العقل عنده يقتصر على فهم النص كما هو، وهذا ما يقوله العقل نفسه، فليس من العقل في شيء أن نملي على الله ما عليه أن يقوله، أو نشترط عليه أن يكون وحيه خاضع لمنطقنا البشري، كل ذلك ليس من العقل في شيء بحسب المنطق نفسه، لأن منطقنا مخلوق كعقولنا، والمخلوق ليس له من الأمر شيء وإنما عليه أن يتصرف وفقا لإرادة خالقه، لا أن يملي على خالقه ما عليه أن يقول أو يفعل.

إن تجاوز هذا الحد، أي فهم النص، هو بداية الضلال والزيغ، لأنه تعد لحدود الله عز وجل، وهو أيضا تحميل العقل ما لا يطيق، فالعقل مخلوق كبقية مخلوقات الله له ميدان عمل إذا تجاوزه سيأتي بالطوام ولابد، مثال ذلك الذين جعلوا عقولهم - ولو لم يشعروا - حكما على النص بحيث أخضعوا النص للمنطق البشري، هذا الاعتداء دفعهم للكفر ببعض النصوص حتى يوفقوا بينها وبين نصوص أخرى في عقولهم، من ذلك كفرهم الصريح يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: 

لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب بنفسه.

الحديث وتخريجه ورواته تجده هنا

لأنه يتنافى بحسب عقولهم مع نصوص أخرى تثبت الإيمان لمن لم يكن بهذه الصفة، فقالوا بل هو مؤمن ولو لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه، والنفي هنا نفي كمال، وأضافوا مضافا محذوفا قدروه بقولهم لا يؤمن أحدكم إيمانا كاملا حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.

وهم بفعلهم هذا لا يكفرون بهذا الحديث وحسب، بل إنهم يتعدون ذلك بالطعن المبيت في بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أنه قال كلاما مشكلا بزعمهم، وأنه لا يريد معنى ما قال لذلك أضافوا ما أضافوا يتضح المعنى بزعمهم.

إن هذا الكفر الصريح إنما دفعهم له تعد حدود الله التي حد لهم، فالله لم يكلفهم بإخضاع النصوص لمنطقهم البشري أصلا، وإنما كلفهم بالسمع والطاعة وحسب ولو أنهم اقتصروا على السمع والطاعة لكان خيرا لهم أشد تثبيتا.

لقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم هذا الأمر، فلم يسعوا إلى الجمع بين النصوص لإخضاعها للمنطق البشري، وإنما آمنوا بالكتاب كله دون تفريق ففازوا فوزا عظيما.

بينما ظهر في العصور التي بعدهم من يحرف الكلم عن مواضعه، ويتعدى حدود الله عز وجل، فإذا أتى الأمر صريحا بينا من عند الله، تراه بدل السمع والطاعة يبحث فيما لم يؤمر به، فيبدأ بطرح السؤال :

لماذا أمر الله بهذا الأمر ؟! 

وهذا السؤال جائر، ولا شك لأن الله لم يكلفنا بطرحه، ولم يأذن فيه أصلا، وإنما تعدينا حدود الله التي حد لنا - السمع والطاعة - بطرحنا له، ثم واصلنا رحلة التيه في البحث عن جواب له، ولا يمكن أصلا أن نجد له جواب، لأن عقولنا قاصرة عن معرفة ما أراد الله بهذا الأمر ما لم يخبر به سبحانه، وهنا تبدأ الفرقة، فزيد يرى أن السبب هو كذا، وعمر يرى أن السبب هو أمر آخر، وكلاهما مخطئ حتما، لأن كلاهما يتحدث بغير هدى من الله عز وجل، ولقد بين الله هذا المعنى في قوله سبحانه: 

﴿إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين﴾

فالله عز وجل حين يضرب مثلا في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، تنقسم الناس إلى قسمين المؤمن يعلم أنه الحق من ربه ويسلم له ويزيده إيمانا، بين الكافر المعاند يبدأ بالبحث عما لا سبيل لمعرفته، وهو ماذا أراد الله بهذا المثل، وقد بين ربنا أنه سبحانه يهدي به كثيرا وهم المؤمنون، ويضل به صنف من الناس بينهم في قوله : 

﴿الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون﴾

وعهد الله وميثاقه معنا هو كما ذكرنا سابقا في قوله: 

﴿واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور﴾

فحين نتعدى السمع والطاعة، ساعتها حتما ولابد ستكون الآيات سببا في ضلالنا بدل هدايتنا كما بينت الآيات السابقة.

قد يقول قائل لقد أمرنا بتدبر القرآن، وهذه الأسئلة نطرحها لنتدبر من خلالها، فله أقول التدبر الذي أمرنا به مجاله نحن، بمعنى أن المتدبر يطرح أسئلة مثل ماذا يترتب علي أنا جراء هذه الآية مثلا، وليس مجاله ما لادخل للعقل فيه أصلا، كالسؤال عن مراد الله خارج النص، أو ضرب النصوص بعضها ببعض، لأن هذه الأسئلة تنبع من مرض القلب وليس من الإيمان لأنها تبحث فيما ليس للعقل أن يبحث فيه.

بسبب تعد حدود الله التي حد للعقل ظهرت أديان جديدة ابتدعها واعتنقها المعتدون، كل يبتدع دينا يوافق منطقه وعقله، ثم لا يلبث أن يكتشف أن دينه الذي ابتدع متناقض مع نفسه فيزيد فيه ويعدل باستمرار، كما هي حال المتمذهبة عموما، فتجدهم بعد أن اتفقوا على مسألة ما، يختلفون عليها من جديد لأن أحدهم أدرك بعقله أمرا جديدا، ثم بعد فترة يظهر قول جديد وهكذا حتى تكون في المسألة الواحدة عند أهل المذهب الواحد عدة أقوال متناقضة تماما، وهذا تمتلؤ منه كتبهم، والسبب هو تعد حدود الله، وقد قال ربنا 

﴿ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون﴾

 ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..

author-img
داعية يحاول تقفي أثر الأنبياء في الدعوة

تعليقات

3 تعليقات
إرسال تعليق
  1. بنظري المقال تنقصه الأدلة فكثير منه كلام إنشائي يفتقر إلى دليل مثلا يقول أن النص أعطى أدلة عقلية على أن الله المستحق للعبادة وحده ولم يعط مثالا من تلك الأدلة لذلك نرجو من الكاتب أن يشرح بشكل أوضح ما يريد قوله ويدعمه بالأدلة حتى يكون مفهوما وشكرا على تقبلكم النقد

    ردحذف
    الردود
    1. كل الشكر لك على الملاحظة وإن شاء الله سوف نراجع المقال ونأخذ بالحسبان ما ذكرت من ملاحظات

      حذف
  2. تم التعديل على المقال ليكون أكثر وضوحا للقراء، في حالة عدم فهم جزئية معينة منه نرجو تنبيهنا لنقوم بإيضاحها إن شاء الله

    ردحذف

إرسال تعليق

فهرست المقال