القائمة الرئيسية

الصفحات

الحمد لله الذي أنزل الكتاب وفصله وبينه، والصلاة والسلام على من كلفه الله بالبلاغ المبين، فبلغ أبين بلاغ، وما كتم وما بدل، وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين

نواصل بحمد الله سلسلة مقالات عندما هجرنا تدبر القرآن، لنبين بعض التبعات الكارثية لهجر تدبر القرآن، واليوم سنتكلم عن إحدى الكوارث التي أصابتنا عندما هجرنا تدبر القرآن، ألا وهي جهلنا لمسؤوليتنا اتجاه رسالة الله إلينا.

إن موضوعا كهذا قد يبدو بديهيا معلوما من الدين بالضرورة، ولكنه في الوقت نفسه أساسي جدا، أولاه الوحي بشقيه القرآن والسنة اهتماما كبيرا، وما ذلك إلا لحكمة الله سبحانه وتعالى وعلمه، حتى لا نبغي على أنفسنا، فنشتغل بما لم نكلف به، ونترك ما كلفنا به، كما هي حالنا منذ عصور كما سنبين في هذا المقال إن شاء الله .

أدوار يجب أن تعرف

إن دين الله الذي أنزل على عبده صلى الله عليه وسلم، عقد بين الله وعبيده، بين الله فيه دورنا بوضوح كما بين ما فلايختص به سبحانه، فلا لبس ولا ارتباك، كما سنرى

المشرع

الله  سبحانه وتعالى وحده لا ينازعه أي أحد أيا كان في هذا الحق، وحتى النبي صلى الله عليه ليس من حقه التشريع، فكيف بمن دونه، راجع مقال الكذب على الله في التشريع .

الرسول

كلفه الله سبحانه وتعالى بالبلاغ المبين للراسلة، فأداها كما أمر، والأدلة على ذلك كثيرة جدا في القرآن الكريم منها على سبيل المثال لا الحصر قوله سبحانه :

وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٩٢) المائدة

قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٥٤) النور

والآيات التي تؤكد على هذه الحقيقة أكثر من أن يسعها مقال .

المرسل إليهم

نحن المرسل إليهم دورنا فقط السمع والطاعة، ولا حق لنا في شيء سوى السمع والطاعة، وهذا جلي واضح تكرر في القرآن وفي السنة أكثر من مرة، فهل قمنا بواجبنا اتجاه الرسالة؟

للأسف الشديد بدل السمع والطاعة، فعل الكثير منا، خاصة من مدعي المعرفة، السمع والمعصية، وهذا يتجلى أساسا في انشغالنا بما لم نكلف به، فمثلا الله أمرنا على لسان نبيه صلى عليه وسلم أن نصلي كما صلى عليه الصلاة والسلام، فبدل طاعة الأمر العظيم في قيمته السهل في تطبيقه، انشغلنا في تقسيم الصلاة إلى فرائض وسنن ومندوبات ومكروهات، وادعينا أن ذلك لتسهيل الصلاة وبيانها، ونسينا أننا لم نكلف بذلك، وإنما كلفنا أدائها كما أداها النبي صلى الله عليه.
إننا حين تعدينا حدود الله لنا في الصلاة بحجة أننا نريد بيان الصلاة وتسهيل تعلمها على الناس، حين تعدينا حدود الله صارت الصلاة أصعب شيء يستحيل أدائها، ثم واصلنا تعدي حدود الله في الصلاة فبنينا الكثير من الأحكام التي ما أنزل الله بها من سلطان على هذا التقسيم وسأعطي لذلك مثلا: 

عند المالكية يجب القبلي على المصلي إذا نسي ثلاث سنن، وهذا التشريع كذب على الله لم يقله ربنا قط لا في القرآن ولا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.

للأسف الشديد بلغ البغي بنا أقصى مدى فبدل أن نؤمن بكل حرف قاله الله عن نفسه أو قاله عنه نبيه، كفرنا به ورمينا به وراء ظهورنا وتقولنا على الله مالم يأذن به، وهذا يظهر جليا فيما ابتدعنا من فرق عقدية تلحد في أسماء الله 

والسؤال ماذا علينا لو آمنا بالله  واتبعنا الرسول وقلنا سمعنا وأطعنا ؟ وماذا نربح من البغي والبحث فيما لم نؤمر به ؟

إن اتباع الشيطان والهوى واتخاذ الدين وسيلة للشهرة والسمعة هو الذي يدفعنا إلى البغي حبا في التميز، فبدل بلاغ الوحي كما أمرنا رسول الله صلى عليه وسلم حيث قال "بلغوا عني ولو آية"، نصبنا أنفسنا مشرعين بدل الله سبحانه وتعالى باجتهاداتنا، ورسلا بدل رسول الله  صلى الله عليه وسلم بتفصيلاتنا التي أحدثنا دون إذن من الله سبحانه وتعالى، فكانت الذل والصغار علينا جزاء نكالا لبغينا على أنفسنا فهل من متعظ ؟
author-img
داعية يحاول تقفي أثر الأنبياء في الدعوة

تعليقات

فهرست المقال