القائمة الرئيسية

الصفحات

الطريق إلى الجنة

تمت مراجعة هذا المقال في المدونة الجديدة وعنونته ب:

طريق الهداية

النسخة القديمة

الحمد لله الذي تتم بحمده الصالحات، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

حين بدأنا الحديث في سلسلة شروط الإسلام، وكيف أن الإسلام يجب أن يكون مبينا على أدلة قاطعة، وأن التسليم يجب أن يكون مطلقا بالجوارح والقلب، وأن المؤمن هو من تزيده آيات الله إيمانا، اعترض البعض قائلا، إنك بهذا تجعل الإسلام مستحيل التحقيق، نظرا لصعوبة هذه الشروط التي ذكرت، مما دفعني لكتابة هذه السطور حتى أزف البشارة التي حوت الآيات عن يسر الإسلام وكيفية تحقيقه، وأبلغ النذارة لأولئك الذين يظنون أنهم قادرين على خداع الله عز وجل بادعائهم للإسلام ولما يحققوا الشروط بعد، فأقول 

إن دين الله يسر على الصادقين مع الله دون غيرهم، حيث أنه يعتمد على الصدق مع الله عز وجل، ولا شيء غير الصدق مع الله عز وجل، من فهم هذا سيجد الشروط - التي يراها غيره تعجيزية - سهلة، منطقية، وبديهية حتى، فمن آمن بالله حق الإيمان بقلبه وجوارحه يكون هواه تبعا لأوامر محبوبه، ولن يجد أدنى حرج منها، وسيقرأ كتاب الله لينتفع به، فيزيده إيمانا وتسليما، ولن يكون ممن ختم الله على قلبه بإعراضه عن الحق، فحين يقرأ كل ما بين دفتي المصحف، يبقى كما كأنه لم يكن يقرأ شيئا، والعياذ بالله.

إنه بالرغم من بداهة ما سبق، إلا أن نعم الله لا تنتهي ولطفه بعباده لا حدود له، ومن ذلكم اللطف أن الله عز وجل، أرشد إلى طريق الهداية إليه - التي لا يملكها إلا هو سبحانه - بطرق سهلة يمكن للعبد أن يقوم بها، وسيهديه ربه كما وعد، وسنتطرق في هذا المقام لبعضها كبشارة للمؤمن الصادق.

يقول ربنا عز وجل : 

﴿ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب﴾

نعم، يهدي إليه من أناب، فقط خذ القرار بالإنابة إلى الله، وكن صادقا مع الله، والله سبحانه وتعالى سيهديك كما وعد لا محالة، فهذا وعده الذي وعد، وهو لا يخلف الميعاد. 

إن كثيرا من الذين أضلهم الله وختم على قلوبهم، إنما كان ذلك بسبب إعراضهم عن الحق أول مرة، وعدم انقيادهم له، فيطبع الله على قلوبهم كما أخبر في قوله: 

﴿ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون﴾

﴿تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين﴾

﴿ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين﴾

لذلك عليك اتخاذ القرار بالإنابة الآن مهما كلف، وسيهديك ربك.

يقول ربنا عز وجل: 

﴿ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا﴾﴿وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما﴾﴿ولهديناهم صراطا مستقيما﴾

نعم إذا قبلت التسليم الذي ذكر ربنا عز وجل قبل هذه الآية في قوله: 

﴿فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما﴾

وهو لا شك أهون من قتل النفس، أو الخروج من الديار، سيهديك ربك، ويثبتك، ويعطيك الأجر العظيم، لأنك ساعتها ستكون حققت شرط الانتماء للذين أنعم الله عليهم من طاعة لله ورسوله على الوجه المطلوب. 

﴿ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا﴾

وهذا ليس في طاقتك وحسب، بل هو أيضا في وسعك، فربك قد قال : 

﴿لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت﴾

فهل ستسلم لله عز وجل تسليما مطلقا بالقلب والجوارح ؟! 

اعلم أنه كما أن الله يسر الهداية، وربطها بقرارات سهلة أنت من يتخذها، اعلم أنه كما قلت في البداية لا بد من الصدق معه، وليتميز الصادق من الكاذب، لا بد من الابتلاء، فهذه سنة الله عز وجل ولن تجد لسنة الله تبديلا 

﴿الم﴾﴿أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون﴾﴿ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين﴾

أتحسب أن الإيمان مجرد كلمة تقولها وينتهي الأمر، هيهات … هيهات...، لو كان الأمر كذلك لكان كل الناس مؤمنون، ولما كان هناك فرق بين المصلح والمفسد، والمؤمن والكافر، ولفسد الكون، ولما كانت الجنة جزاء للإيمان، فالجزاء من جنس العمل والجنة غالية، وليس ثمنها مجرد كلمة تقولها.

إنه لابد ولا مفر من الابتلاء والتمحيص، حتى يميز الله الخبيث من الطيب، وليحيى من حيي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة، وهذا الابتلاء لا حدود له، فقد قال ربنا عنه: 

﴿أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب﴾

إنه على أشكال مختلفة، قد يكون بالخير وقد بالشر 

﴿كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون﴾

إنه يسقط من الطريق كل من كان كاذبا في دعواه بالتسليم 

﴿ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين﴾

﴿ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين﴾

ولا يترك إلا الصادقين، الذين باعوا النفس لله، وحولوا البلاء إلى نعمة يزداد بها إيمانهم كما أخبر الله عن نبيه صلى الله عليه وسلم وصحبه حين قال:

﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا﴾﴿ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما﴾

فخذ قرارك عن بينة، واعلم أن العاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين والحمد لله رب العالمين.

author-img
داعية يحاول تقفي أثر الأنبياء في الدعوة

تعليقات

فهرست المقال