القائمة الرئيسية

الصفحات

﴿ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين﴾


تمت مراجعة هذا المقال في المدونة الجديدة وعنونته ب:


معنى كلمة الدين في القرآن وفي اللغة


المقالة الأصلية :


رأينا في مقال السابق، أننا خلقنا من أجل غرض واحد وهو عبادة الله عز وجل وحده، وبينا أن الله رسم للمؤمنين طريقا عليهم أن يسلكوه لكي يسعدوا في دنياهم وآخرتهم، معالم هذا الطريق هي موضوع هذا المقال والمقالات القادمة إن شاء الله.

سوف نتحدث في هذا المقال عن الدين الذي أمر الله الناس باتباعه لكي يفلحوا في الدنيا والآخرة، إنه دين الإسلام الذي قال ربنا عنه: 

﴿ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين﴾

ولكي نعرف الإسلام الذي يريد منا الله عز وجل في هذه الآية علينا أن نعرف معنى كلمة "الإسلام" وما معنى كلمة "الدين" وأخيرا ما هو دين الإسلام، وهذا ما سوف أتطرق إليه بإذن الله فأقول:

معنى كلمة الدين

إن الله عز وجل اختار لسان العرب ليكون وعاء رسالته الأخيرة إلى الإنسان، وذلك لحكم كثيرة، من بينها دقة هذا اللسان في التعبير، واستيعابه لكل ما يحتاج الإنسان التعبير عنه، فالكلمة في لسان العرب من الصعب أن نجد لها مرادفة في لسان العرب، أو كلمة تحمل نفس المعنى في اللغات الأخرى، هذه الصعوبة جعلت نقل معاني رسالة الله إلى اللغات الأخرى أمرا يكاد يكون مستحيلا، خصوصا ما يتعلق بالكلمات الأساسية ذات المعاني الدقيقة ككلمة الدين، وكلمة الإسلام، وكلمة العبادة، وكلمة الرب، وكلمة الإله، فهذه الكلمات التي تعبر عن موضوع الرسالة الأخيرة الأساسي وقد ظلت غير مفهومة بوضوح ليس فقط لغير العرب، وإنما للعرب المعاصرين الذين لم يعودوا يتكلمون بنفس الفصاحة التي كانت موجودة أيام نزول الوحي. 

للأسف ترجمة كلمة "الدين" إلى اللسان الفرنسي ترجمة خاطئة حيث وضعت لها كلمة "Religion" والتي لا تأتي بمعنى كلمة "الدين" في اللسان العربي، حيث أن كلمة "Religion" تفيد ما يرتبط به الإنسان، أو يتعلق به، لأن من فعل "relier" وهي تعني ربط وشبك، بينما كلمة الدين تعني القيد الذي يتقيد به الإنسان، والقيد أشمل وأقوى من الارتباط، حيث أن الدين هو كل ما يتقيد به الإنسان، أيا كان، سواء كان قوانين وشرائع، أو عادات وتقاليد، فالذي يلتزم به المرء ويتقيد به يعتبر دينا له. 

بين ربنا عز وجل هذا المعنى لهذه الكلمة في قوله 

﴿وما أدراك ما يوم الدين﴾﴿ثم ما أدراك ما يوم الدين﴾﴿يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله﴾

فيوم القيامة الكل خاضع لله عز وجل وحده، لذلك سماه الله يوم الدين حيث أن كل الناس ينقادون لأمر الله وحده دون أدنى اعتراض

كما بين الله عز وجل أن معنى الدين القوانين في قوله:

﴿فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم﴾

فيوسف ما كان ليتقيد بما يتقيد به الملك الكافر من قوانين، لذلك نسب هذه القوانين للملك دون يوسف صلى الله عليه وسلم.

نخلص مما سبق أن الدين كل ما تقيد به المرء. 

معنى كلمة الإسلام

أيضا كلمة الإسلام من الكلمات الفريدة في لسان العرب التي ليس لها مرادفة يؤدي وظيفتها، للأسف عند ترجمتها إلى اللغات الأخرى إما تعتبر اسما علما، فتبقى كما هي دون ترجمة، أو تترجم بالخضوع والاستسلام، وهذا خطأ واضح إذا رجعنا إلى لسان العرب، فكلمة الإسلام مشتقة من فعل أسلم والمراد به أن يسلم المرء نفسه لله عز وجل وحده طوعا، بخلاف الإستسلام الذي يفيد المغالبة قبله.

دين الإسلام 

إن الإسلام إذا هو أن يسلم المرء نفسه لله عز وجل وحده طواعية منه دون أي إكراه، وهذا يكون عمليا بأن يكون الله وحده مصدر الأوامر التي يتلقاها الإنسان، ومصدر الثقافة وكل شيء في حياة الإنسان، فالإسلام لابد أن يكون شاملا بحيث لا يبقى شيء إلا لله كما أخبر ربنا في قوله: 

﴿قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين﴾﴿لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين﴾

فكل شيء سواء كان شعائر تعبدية كالصلاة وغيرها، أو كان من أمور الحياة، سواء كان سياسة أو اقتصاد، أو اجتماع أو غيره، كل ذلك لله عز وجل، وليس هذا فقط بل الموت أيضا يجب أن يكون لله وحده، فلم يبق للإنسان شيء، وهذا هو الأمر الطبيعي فالإنسان أصلا مخلوق ليس له من الأمر شيء، ومن المنطقي أن ينقاد لله وحده الذي هو رب كل شيء أي سيد كل شيء، كما بين ربنا عز وجل في هذا السؤال الاستنكاري الذي بعد الآيتين السابقتين حيث قال:

﴿قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون﴾

إن الإسلام بهذا المعنى هو الدين الذي لا يقبل الله عز وجل دينا سواه كما أخبر في قوله:

﴿ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين﴾

وهذا عادل جدا، فالذي لم يتقيد بأوامر الله في الدنيا من المنطقي أن يخسر في الآخرة ويكون مصيره إلى النار، لأنه امتنع عن طاعة خالقه في الدنيا، ولله المثل الأعلى لو أن أحدا ما أجير عند آخر على عمل معين مقابل أجر معين، من المنطقي والعدل أن العامل إذا لم يقم بالعمل لن يستحق الأجرة، فكيف إذا كان هذا العامل خلقه رب العمل وهو مملوك له، لاشك أن هذا العامل لا يستحق سوى العقاب فهو مملوك لسيده وعليه أن يطيع أمره.

هذا المقال متوفر ب:

الفرنسية ؛

الإنجليزية ؛

الإسبانية .


author-img
داعية يحاول تقفي أثر الأنبياء في الدعوة

تعليقات

فهرست المقال