القائمة الرئيسية

الصفحات

الولاء والبراء

تمت مراجعة هذا المقال في الجديدة وعنونته ب:

منزلة الولاء والبراء في الإسلام

النسخة القديمة

الحمد لله، ولا نعبد إلا إياه، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد 

نواصل الحديث عن شروط الإسلام التي لا يتم إلا بها، والشرط الذي سنناقش في هذا المقال مكون من شقين، إنه الولاء، والبراء، الذي هو من آكد شروط الإسلام، يقول ربنا عز وجل: 

﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين﴾

إن هذه الآية بينت فيما بينت بصريح العبارة أن تولي الكفار انتمى لهم

فهو منهم 

ولقد أكد الله هذا المعنى قوله سبحانه: 

﴿يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم﴾

فمن تولى الكفار يكفر، ويرتد عن الإسلام إن كان مسلما من قبل، لأن الإيمان وتولي الكفار متناقضان لا يمكن أن يجتمعا كما بين الله في قوله :

﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين﴾

فالله عز وجل شرط في الإيمان عدم تولي الكفار.

إن الذين يتولون الكفار بحجج الاستضعاف وعدم القدرة على البراءة منهم، هم في الحقيقة مرضى القلوب قد أخبر الله عنهم في قوله : 

﴿فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين﴾﴿ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين﴾

فالذي يوالي الكفار بانتمائه لهم تحت أي ظرف، هو منهم، كافر ولو ادعى الإسلام، وقد بين الله مصيره كما بينا في مقال المؤمن عزيز والاستضعاف جريمة .

إن أبانا إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين أعلن التوحيد أعلنه خلال إعلان البراءة من الشرك والمشركين في قوله : 

﴿فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون﴾﴿إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين﴾

فتبرأ مما يعبدون، ومنهم، في قوله حنيفا، أي مائلا عنهم، وأكدها بقوله وما أنا من المشركين، فالبراءة ليست من الشرك وحده، وإنما من أهله أيضا وأكد هذا المعنى حين بدأ باعتزال قومه ثم أتبعهم اعتزال آلهتهم في قوله: 

﴿وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا﴾

إن البراءة من المشركين يجب أن تكون بكل صراحة ووضوح، يعلنها المؤمن للكافرين بغير وجل مستجيبا لأمر الحق سبحانه:

﴿قل يا أيها الكافرون﴾﴿لا أعبد ما تعبدون﴾﴿ولا أنتم عابدون ما أعبد﴾﴿ولا أنا عابد ما عبدتم﴾﴿ولا أنتم عابدون ما أعبد﴾﴿لكم دينكم ولي دين﴾

إن الذين يكفرون بأمر الله السابق فلا يطيعونه يقعون في شر أعمالهم، خصوصا إذا كانوا ممن يدعون الدعوة إلى الله، لأنهم لا يتبرؤون من الكفار وفي عدم براءتهم منهم ومن كفرهم تزكية لما يقومون به من شرك بالله، حيث أنهم بلسان حالهم لا يعتبرونه مكفرا لصاحبه الذي يمارسه، وهذا له أثر سيء جدا في من يدعون لأنه سيعتبر الكفر الذي عليه هو عين الإسلام باعتبار أن الداعية فلان لم يقل أنه كفر.

إن هؤلاء يدعون جهلا منهم أن تكفير الكفار يتنافى مع الحكمة والموعظة الحسنة التي أمر الله بها في الدعوة، وهم لا يعلمون أنهم بكفرهم هذا يميعون الإسلام ويجعلونه اسما بلا مسمى الداخل فيه والخارج منه سواء، فبئس ما أوصلهم إليه معصية الله واتباع الشياطين والعياذ بالله.

نعود لموضوعنا فنقول إن البراءة من الكفار ومما يعبدون إذا شرط من شروط الإيمان لا يتحقق إلا بها، ولكنها ليست كافية فلابد من الانتماء و للمؤمنين وتوليهم وذلك نجده في قوله سبحانه:

﴿إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون﴾﴿ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون﴾

فقوله "إنما" يفيد الحصر والتوكيد، أي المرء لا يكون مؤمنا ما لم ينتمي لجماعة المؤمنين ويوالي المؤمنين، فليس للمؤمن أولياء ينتمي لهم غير المؤمنين، فالمؤمن ليس فردا وحيدا لا انتماء له، وإنما ينتمي لحزب الله عز وجل يربطه الإيمان بأهله المؤمنين مهما كانت ألوانهم وأين ما كانوا.

إن العالم بعد الحرب العالمية الثانية، وبعد سيطرة الدول الكافرة العلمانية عليه، قسموه إلى عدة دويلات، وجعلوا الانتماء على مبدأ المواطنة بدل الملة، فنصبوا لكل منطقة إلها أسموه وطنهم وجعلوا الولاء فيه والبراءة فيه أيضا، فأنت من أهلي مادمنا نتقاسم نفس الحيز الجغرافي الذي رسم لنا المستعمر حدوده وسماه وطننا، فأنت مني وأنا منك في الوطن، بغض النظر عن ديني ودينك، فالدين علاقة وجدانية فردية عندنا، وأنت الآخر أجنبي علي ما دامت أوطاننا مختلفة. 

إن الكفر والجهل الذي يعم الناس، حينئذ والآن، جعلهم يتقبلون هذا الإله الجديد - الوطن - ويمجدونه في أشعارهم، حتى صار المحيا محياه، والممات مماته، وهذا كله ونحن ندعي الإسلام ولا حول ولا قوة إلا بالله.


author-img
داعية يحاول تقفي أثر الأنبياء في الدعوة

تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق
  1. والبراء والولاء جزء من معنى الشهادة وهي قول لااله من لاله إلا الله فإن معناها البراء من كل مايعبد من دون الله أنها شرط الإيمان كما قال تعالى ..ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ماقدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب خالدون ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما انزل إليه مااتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون....صدق الله العظيم

    ردحذف
    الردود
    1. نعم صدقتم ونعم القول ما قلتم فالإيمان مبني على البراءة من الكفار والولاء للمؤمنين
      جزاكم الله خير الدارين

      حذف

إرسال تعليق

فهرست المقال