القائمة الرئيسية

الصفحات

﴿إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون﴾


تمت مراجعة المقال في المدونة الجديدة وإعادة صياغته وعنونته ب:

معنى شهادة أن محمدا رسول الله ومقتضاها وشروطها ونواقضها


النسخة القديمة من المقال:


معنى شهادة أن محمدا رسول الله

إذا تأملت قول ربنا عز وجل:

﴿إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون﴾

لعلمت أن الشهادة لرسول الله صلى الله عليه وسلم - التي هي الشق من الثاني من الركن الأول من أركان الإسلام - ليست مجرد الإقرار لمحمد صلى عليه وسلم بالرسالة، فالمنافقون شهدوا لرسول الله صلى عليه وسلم بالرسالة ومع ذلك شهد الله على كذبهم في شهادتهم، مما يجعلنا نسأل ما معنى الشهادة بأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

وما الفرق بين شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين الشهادة لغيره من الرسل صلى الله عليهم وسلم بالرسالة؟

إن الجواب على هذه المسألة جد مهم، فحين نجهل معنى الشهادة المطلوب، قد نكون ممن شهد الله على كذبهم في شهادتهم وهم لا يشعرون، حالهم كحال المنافقين، لذلك لابد من البحث في وحي الله عز وجل قرآنا وسنة، لنعرف الشهادة المطلوبة منا. 

إن موضوعا كهذا قد ناقشه القرآن باسهاب فهو موضوع متعلق بالركن الأول من أركان الإسلام، وقد سبق وتطرقنا له من زاوية أخرى حين تحدثنا عن الإمامة في الدين، واليوم سوف نناقشه من خلال آية وحديث فأقول مستعينا بالله عز وجل:

بين ربنا سبحانه مقتضى الشهادة لرسول الله بالرسالة الذي من عمل به أحبه الله، ومن تولى عنه كان كافرا في قوله:

﴿قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم﴾

فبين أن حبه سبحانه وتعالى متعلق باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن أراد حب الله عليه أن يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورغب في ذلك بالمغفرة والرحمة، ثم بين كيف يكون اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله:

﴿قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين﴾

أي أن اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس مجرد دعوى، وإنما يتمثل في طاعة الله ورسوله، طاعة حصرية، وإلا فالمرء كافر كما بين في آخر الآية.

أي أن الشهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، تستلزم اتباعه، أي طاعته، وإلا فهي شهادة كاذبة لا تنقل صاحبها من الكفر كما بينت الآية السابقة.

هذا المعنى متوافق مع معنى الإسلام الذي عرفنا سابقا، حيث أن المسلم هو من أسلم نفسه لله عز وجل، وهذا عمليا بحيث لا يكون له آمر يطيعه غير الله، والله عز وجل لم يرسل إلينا غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكل أمر لم يأت به رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس من أمر الله، ومن ثم فإن مطيعه مشرك بالله وإن ادعى الإسلام.

كيف يتم الانسلاخ من اتباع رسول الله

لتتضح هذه الصورة أكثر، نضرب مثالا واقعيا لشخص أتى مفتيا وسأل المفتي عن حكم مسألته، دون أن يلزم المفتي بأن يفتيه بحكم الله عز وجل وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، وإنما قال له ما حكم كذا ؟ كما يفعل عامة الناس.

هذا المفتي قد يفتيه بحكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم - وهذا نادر جدا - وقد يفتيه بحكم زيد أو عمر كما هو شائع، وفي كلتا الحالتين هذا المستفتي لا يدعي اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما اتباع مفتيه الذي أفتاه، حيث أن هذا الأخير لم يقل له هذا حكم الله، أو حكم رسوله.

هذا المستفتي لم يعد يجزم بأنه مسلم لله وحده، حيث أن مصدر الأوامر عنده ليس الله وحده، بل الله وهذا المفتي، ومن هنا يبدأ الشرك بالله واتباع الظن، والضلال كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله:

«ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻘﺒﺾ اﻟﻌﻠﻢ اﻧﺘﺰاﻋﺎ، ﻳﻨﺘﺰﻋﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻘﺒﺾ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﻘﺒﺾ العلماء، ﺣﺘﻰ ﺇﺫا ﻟﻢ ﻳﺘﺮﻙ ﻋﺎﻟﻤﺎ، اﺗﺨﺬ اﻟﻨﺎﺱ ﺭﺅﺳﺎ ﺟﻬﺎﻻ، ﻓﺴﺌﻠﻮا، ﻓﺄﻓﺘﻮا ﺑﻐﻴﺮ ﻋﻠﻢ، ﻓﻀﻠﻮا ﻭﺃﺿﻠﻮا»
الحديث وتخريجه ورواته هنا 

فمن أفتى بغير علم - والعلم وحي الله فقط - فهو ضال ومضل لمتبعه، ويوم القيامة سيندم هذا الأخير على اتباعه كما أخبر ربنا عز وجل في قوله:

﴿إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب﴾﴿وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار﴾

نستنتج مما سبق أن الشق الثاني من الركن الأول من أركان الإسلام الذي لا يتم الإسلام إلا به، شهادة أن محمدا رسول الله تستلزم اتباعه والاقتداء به صلى الله عليه وسلم وحده من الناس، وإلا فمن يقولها دون اتباع لرسول الله لم يحقق الركن الأول من أركان الإسلام ولم يدخل في الإسلام أصلا.

ونستنتج أيضا أن الفرق بين الشهادة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالرسالة وبين الشهادة لغيره بها، هو الاتباع، فنحن نشهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالرسالة شهادة تستلزم اتباعه حصرا، في حين أننا نشهد لغيره من الرسل بالرسالة، ولكننا لا نتبعهم لكوننا لم نؤمر باتباعهم.

شهادة أهل المذاهب لرسول الله بالرسالة

إن الناظر إلى أهل المذاهب يرى بلسان حالهم، ولسان مقال مقلديهم، يرى أنه لا فرق لديهم بين الشهادة لمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة وبين بقية رسل الله صلى الله عليهم وسلم، فهم لا يتبعون لا رسول الله ولا الرسل الذين قبله، وإنما يتبعون إمام مذهبهم الذي يتعصبون له، فهم يقرون أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويشهدون بذلك، ولكنهم في الوقت نفسه يقرون بلسان حالهم أنهم لا يتبعون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشهادتهم إذا شهادة كاذبة لا تختلف عن شهادة المنافقين الذين شهد الله أنهم كاذبون في شهادتهم. 

إن الناظر لحال المنافقين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كذب الله شهادتهم، يجدهم أحسن حالا بكثير من متبعي المذاهب، فأولئك لم يكونوا يجرؤون على التصريح بعدم اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينما متبعي المذاهب لا يجدون أدنى حرج في التصريح باتباع أئمتهم الذين نصبوا دون إذن من الله، من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم والعياذ بالله.

إنك إذا سألتهم عن سبب رغبتهم عن اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ستجد كل أجوبتهم تصب في معنى واحد، وهو أنهم يتبعون أئمتهم لكونهم بينوا لهم الدين، وكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الدين مشكلا غامضا، وكأن الوحي طلاسم ورموز يصعب فكها وليس نور وكتاب مبين كما أخبر رب العالمين.

إن حقيقة هؤلاء التي يعبرون عنها بطرق مختلفة، هي تسجيد لكفر الإعراض والتولي عن اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي أخبر الله عنها في قوله:

﴿قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين﴾

قدوتهم في ذلك إبليس الذي أعرض واستكبر عن طاعة أمر الله بالسجود لآدم بحجة أنه خير منه، فهم أيضا استكبروا عن طاعة رسول الله واتباعه بحجة أن غيره بزعمهم بين الدين وفصله أكثر منه صلى الله عليه وسلم، وهي حجة كاذبة تماما كحجة قدوتهم إبليس، والعياذ بالله مما أصابهم.


author-img
داعية يحاول تقفي أثر الأنبياء في الدعوة

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. Tioga Steel Spade Spade and Blade of Steel - Tioga
    Tioga Steel Spade and Blade of Steel - Blade of Steel race tech titanium - Blade of Steel is titanium carabiners crafted 2020 ford ecosport titanium in gold titanium alloy titanium-quality titanium steel and Blade ceramic vs titanium flat iron of Steel is crafted

    ردحذف

إرسال تعليق

فهرست المقال