القائمة الرئيسية

الصفحات


الحمد لله الذي أنزل الكتاب ليخرج الناس من الظلمات والنور، وصلى الله على من بعث رحمة العالمين وبعد

بدأنا منذ فترة سلسلة شروط الإسلام التي لا يتحقق إلا بها، وتطرقنا لعدد منها، وسنختم هذه السلسلة بهذا المقال مع العلم أن شروط الإسلام لا تنحصر فيما ذكرنا، ولكن من حقق ما ذكرنا سيحقق بقية الشروط لزاما

ذكرنا آنفا وسنظل نكرر أن الإسلام ليس مجرد كلمة تلوكها الألسن، إنما هو منهج حياة متكامل، لا يقبل التجزئة، المسلم فيه يسلم نفسه كلها لله عز وجل دون استثناء، وهذا الإسلام ليس في الظاهر وحسب بل هو أيضا يقين في القلب وعمل بالجوارح.

إن الإنسان حين يأخذ القرار بأن يسلم لله رب العالمين، قد تكون له دوافع شتى، قناعة بالإسلام، أو خوفا أو طمعا، إلى غير ذلك من الدوافع المحتملة، فالمرء في تلك اللحظة يسمى مسلما من حيث أنه اتخذ قرار الإسلام في ظاهره، والبلاء والمحن هي من ستكشف إن كان مؤمنا حقا، أم غير ذلك، لذلك نجد ربنا يقول : 

﴿قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم﴾

يأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بتكذيبهم في دعواهم للإيمان 

قل لم تؤمنوا 

ويبين أنهم أسلموا حين اتخذوا القرار بالإسلام، ولكن الإيمان ليس مجرد دعوى، بل هو يقين في القلب يتجلى في الجهاد في سبيل بالمال والنفس حين قال : 

﴿إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون﴾

نعم إن المؤمن الصادق هو الذي على يقين من إيمانه يجاهد بماله ونفسه في سبيل الله، وليس مجرد مدعي واقعه يكذبه، كما بين الله لنا عز وجل في كتابه العزيز أنواعا من الناس تدعي الإيمان ولكنها في الحقيقة غير مؤمنة، منهم من حكى عنه في قوله: 

﴿ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين﴾﴿يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون﴾﴿في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون﴾

فهؤلاء لم يؤمنوا أصلا، وإنما يتعاملون مع الله معاملتهم مع الناس، يكذبون ويحاولون أن يخدعوا الله والذين آمنوا وهم في الحقيقة إنما يخدعون أنفسهم وما يشعرون والعياذ بالله.

كما بين الله عز وجل طائفة أخرى تحاول أن تجعل من الإيمان قضية مصالح دنيوية متى تحققت للفرد منها في ظل الإيمان بقي مؤمنا، ومتى لم تحقق له انقلب على وجهه، لأنه في الحقيقة غير مؤمن حقا، نجد هذا النوع في قوله سبحانه: 

﴿ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين﴾

كما نجده سيحانه يبين صنفا آخر آمن فيما يبدو قناعة متحمس جدا للعمل في سبيل الله، ولكن عند البلاء يبدأ إيمانه يترنح حتى يسقط في الهاوية كما أخبر الله عنه في قوله: 

﴿ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين﴾

لذلك الكل يدعي الإيمان ولكن المؤمن الحق هو حقق شرط الإيمان المتمثل في قوله سبحانه: 

﴿إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون﴾

أما من سواه فهو مجرد مدع، ستكشف الأيام كذب دعواه، فصارح نفسك أيها القارئ واستعد لبذل فاتورة الإيمان، وإلا فاعلم أنك تخادع نفسك ليس إلا. 

author-img
داعية يحاول تقفي أثر الأنبياء في الدعوة

تعليقات

فهرست المقال