القائمة الرئيسية

الصفحات

عندما هجرنا تدبر القرآن المقال الرابع : شرك الاتباع


الحمد لله الذي انزل الكتاب وبينه، فلم يبق عذر في اتباع غيره، وصلى الله وسلم على الصادق الأمين الذي اتباعه موجب لمحبة الله سبحانه وتعالى وبعد 

إن الإسلام الحقيقي هو أن نسلم أنفسنا لله وحده فلا نطيع ولا نعبد إلا الله سبحانه وتعالى، فلا آمر لنا ولا ناهي سواه سبحانه وتعالى، ومن ثم لا نتبع إلا وحيه المنزل على عبده ذلك أن اتباع أي شيء سوى الوحي سيكون مناقضا لاخلاص العبودية لله سبحانه وتعالى .

إن هذه الحقيقة رغم وضوحها وجلاءها إلا أنها صارت غريبة بين أبناء أمة تدعي الإسلام والسبب في ذلك أننا هجرنا تدبر القرآن الكريم فنمر على الآيات الصريحة البينة التي لا تحتمل التأويل فلا ننتبه لها، مما يؤكد للأسف الشديد أنه ختم على القلوب، وعلى البصر غشاوة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

إن التفسير العملي للإسلام هو الاتباع الحصري للوحي المنزل على رسول الله، إذ لا معنى أنك تسلم نفسك لله وانت تتبع سوى ما أنزل إليك، ورغم وضوح هذا الأمر إلا أن الله سبحانه وتعالى أكد عليه أكثر من مرة كما سنرى في الآيات التالية، حتى لا يبقى ﻷحد حجة على الله في اتباع شيء سوى الوحي فقال الله سبحانه وتعالى آمرا باتباع الوحي :

وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (١٧٠)البقرة

اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (١٠٦) الانعام

وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ، وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ.. ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الأنعام

وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ،فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ الأنعام

وفي الآيات التاليه أمر اتباع الوحي حصرا وحرمة اتباع غيره

المص (١) كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٣) الأعراف

كما يحذر يحذر الله سبحانه وتعالى من اتباع شيء سوى الوحي في قوله لرسوله صلى الله عليه وسلم ومن ثم لنا 

وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ (٣٧) الرعد

والآيات في اتباع الوحي حصرا كثيرة لا يتسع مقال واحد لذكرها كلها.

ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المرسل من عند الله وجب اتباعه، ﻷنه لا يتصرف من تلقاء نفسه بل بوحي الله، كما أنه التطبيق العملي للوحي، ولذلك قال سبحانه وتعالى

 قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (٣٢) آل عمران

الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٥٧)قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٨) الأعراف

في الآيات السابقة وغيرها بيان جلي لا يقبل التأويل في وجوب اتباع الوحي حصرا الذي أتى به رسول الله وطبقه ولكن ما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون وما تفيد الشمس الساطعة الأعمى؟

متى بدأ شرك الاتباع؟


إن شرك الاتباع بدأ عندما هجرنا تدبر القرآن فنمر على الآيات الصربحة لكن لا نتدبرها، وتاريخيا بدأ مع التمذهب حين بدأ الناس يتخذون أئمة دون رسول الله صلى عليه وسلم يتبعونهم ثم تطور الأمر إلى أن جعلوا لهم مصادر للتشريع غير الوحي، كما بينا في المقال السابق من هذه السلسلة، فمن هنا بدأ الانحراف الذي أصاب الأمة ولا زال يتفاقم حتى انسلخنا كليا من الوحي، ووصلنا لما نحن فيه من الذل والانحطاط اليوم وقبل اليوم بقرون والله المستعان.

إن المتأمل لواقع الأمة اليوم يجد عندها مشكلة من تتبع، فهذا يتبع أحد المذاهب، وذاك يتبع السلف، وكل له متبوع سوى النبي صلى الله عليه وسلم، والطامة أنه لا يخجل من ذلك بل يفاخر به ويموت من أجله، ولم يدري هذا المفتون أنه ما لم يتبع النبي صلى الله عليه وسلم حصرا سيخسر آخرته بعدما خسر دنياه.

إنه مما يحز في القلب أن أهل الطوائف من أهل المذاهب وغيرهم لم يدركوا أنهم يستبدلون الله كمشرع بعقولهم المريضة، والنبي صلى الله عليه وسلم كإمام، بنكرات لا تفيد معرفتهم ولا يضر جهلهم، فأي سفه وشطط أشد من هذا؟

من المؤسف أيضا أن المتصدرين للمنابر في أمتنا اليوم هم مسخ يتبعون الباطل الذي توارثوه ويقدسونه إلا من رحم ربي، فإلى متى الرغبة عن رسول الله صلى عليه وسلم ؟

أخي الفاضل اتبع رسول الله، ولا تتخذ متبوعا لك دونه، فهو وحده من ستسأل عنه في قبرك، وهو وحده من إن اتبعته أحبك الله، ولا تستمع لحجج باطلة مفادها الطعن في رسول الله بأنه لم يؤد البلاغ المبين كما أمره الله، وأن هؤلاء الذين يتبعهم الناس يبينون أكثر منه، فهذا هراء معتقده كافر برسول الله ولو ادعى الإيمان .

أخيرا حتى لا أطيل عليك اعلم هداك الله أن شطر الشهادة الثاني الشهادة بأن محمد رسول الله صلى عليه وسلم، يستوجب اتباعه والاقتداء به فإن اتخذت إماما أو متبوعا سواه فأنت لم تدخل في الإسلام أصلا حيث أن شهادتك لرسول الله برسالة لم تكن على والوجه المطلوب، ولا تختلف عن شهادتك لغيره من الأنبياء، فنحن نشهد بأن كل الأنبياء باستثناء محمد صلى عليه وسلم رسل الله لكن لا نتبعهم بل نتبع محمدا صلى عليه وسلم وحده، فإذا شهدت بأن محمدا رسول الله ثم اتخذت متبوعا غيره أيا كان فما الفرق بينه وبين بقية الأنبياء؟ 

author-img
داعية يحاول تقفي أثر الأنبياء في الدعوة

تعليقات

فهرست المقال