القائمة الرئيسية

الصفحات


عندما ناقشت مصدر التلقي عند المؤمن وبينت أنه لا يمكن أن يكون شيئا غير الوحي، لأن المسلم أسلم نفسه لله ومن ثم لا يتلقى الأوامر إلا منه سبحانه، وعدت بنقاش مصادر التشريع المستحدثة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من إجماع وقياس واجتهاد، حتى لا تبقى شبهة لطالب الحق، واليوم سأشرع في الوفاء بوعدي مستعينا بالله عز وجل مبتدئا بأهم مصدر استحدث بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا وهو الإجماع فأقول 

تعريف الإجماع

بداية يجب أن نعرف ما الذي يعنيه المحتجون بالإجماع، حين يتحدثون عن الإجماع، حتى نعرف وجه استدلالهم بأدلتهم ومدى مطابقتها لما يحتجون بها عليه، وهذا ما سعينا له، ولكننا صدمنا بأول عقبة وهي كون الإجماع نفسه غير مجمع على تعريف جامع مانع له، فكل طائفة تعرفه بتعريف - في الغالب مبهم - يوافق ما تتميز به عن غيرها من الطوائف، مما يؤكد أن الإجماع ليس من عند الله عز وجل وإنما هو من اختراع البشر لقول الحق سبحانه: 
﴿أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا﴾
فلو كان الإجماع مما أمر الله به لكان مجمعا على تعريفه، ولكنه اختراع بشري، أو اختراعات بشرية كل يطلق عليها الإجماع كما سنرى إن شاء الله في هذه السطور: 

الإجماع عند الشافعي: 

قال الشافعي في الرسالة 1/471

"ﻗﺎﻝ "اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ": ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻲ ﻗﺎﺋﻞ: ﻗﺪ ﻓﻬﻤﺖ ﻣﺬﻫﺒﻚ ﻓﻲ ﺃﺣﻜﺎﻡ اﻟﻠﻪ، ﺛﻢ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺭﺳﻮﻟﻪ، ﻭﺃﻥ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﻓﻌﻦ اﻟﻠﻪ ﻗﺒﻞ، ﺑﺄﻥ اﻟﻠﻪ اﻓﺘﺮﺽ ﻃﺎﻋﺔ ﺭﺳﻮﻟﻪ، ﻭﻗﺎﻣﺖ اﻟﺤﺠﺔ ﺑﻤﺎ ﻗﻠﺖ ﺑﺄﻥ ﻻ ﻳﺤﻞ ﻟﻤﺴﻠﻢ ﻋﻠﻢ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻭﻻ ﺳﻨﺔ ﺃﻳﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﺨﻼﻑ ﻭاﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ، ﻭﻋﻠﻤﺖ ﺃﻥ ﻫﺬا ﻓﺮﺽ اﻟﻠﻪ. ﻓﻤﺎ ﺣﺠﺘﻚ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺗﺘﺒﻊ ﻣﺎ اﺟﺘﻤﻊ اﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﻧﺺ ﺣﻜﻢ ﻟﻠﻪ، ﻭﻟﻢ ﻳﺤﻜﻮﻩ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ؟ ﺃﺗﺰﻋﻢ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﻏﻴﺮﻙ ﺃﻥ ﺇﺟﻤﺎﻋﻬﻢ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺑﺪا ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺳﻨﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ، ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺤﻜﻮﻫﺎ؟!

ﻗﺎﻝ: ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ: ﺃﻣﺎ ﻣﺎ اﺟﺘﻤﻌﻮا ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﺬﻛﺮﻭا ﺃﻧﻪ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﻓﻜﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮا، ﺇﻥ ﺷﺎء اﻟﻠﻪ.

ﻭﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﻜﻮﻩ، ﻓﺎﺣﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﻟﻮا ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﻭاﺣﺘﻤﻞ ﻏﻴﺮﻩ، ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻧﻌﺪﻩ ﻟﻪ ﺣﻜﺎﻳﺔ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺤﻜﻲ ﺇﻻ ﻣﺴﻤﻮﻋﺎ، ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺤﻜﻲ ﺷﻴﺌﺎ ﻳﺘﻮﻫﻢ، ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻴﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ.

ﻓﻜﻨﺎ ﻧﻘﻮﻝ ﺑﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮا ﺑﻪ اﺗﺒﺎﻋﺎ ﻟﻬﻢ، ﻭﻧﻌﻠﻢ ﺃﻧﻬﻢ ﺇﺫا ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻨﻦ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻻ ﺗﻌﺰﺏ ﻋﻦ ﻋﺎﻣﺘﻬﻢ، ﻭﻗﺪ ﺗﻌﺰﺏ ﻋﻦ ﺑﻌﻀﻬﻢ. ﻭﻧﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻋﺎﻣﺘﻬﻢ ﻻ ﺗﺠﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﻟﺴﻨﺔ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺄ، ﺇﻥ ﺷﺎء اﻟﻠﻪ" انتهى.

فالإجماع إذا عند الشافعي هو إجماع عامة المسلمين، ولو لم يكن على نص، كما صرح هو نفسه أنه يحرم أن ينسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يكن عن طريق السماع، ومن ثم فهو يرى أن الإجماع مصدر مستقل عن الوحي قرآنا وسنة. 

إن تعريف الشافعي هذا مبهم من جهة تحديد المقصود بالمسلمين المعتبر إجماعهم هل هم عامة المسلمين أم من يطلق عليهم المجتهدون فقط، وهل هم جميع المسلمين في كل العصور، أم أن مسلمي كل عصر يكون إجماعهم حجة، أم أنهم المسلمين في عصره والعصور التي قبله؟! 

الإجماع عند الشاشي: 


قال نظام الدين أبو علي الشاشي (المتوفى 344) في أصوله 1/287

"ﺇﺟﻤﺎﻉ ﻫﺬﻩ اﻷﻣﺔ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺗﻮﻓﻲ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﻓﺮﻭﻉ اﻟﺪﻳﻦ ﺣﺠﺔ ﻣﻮﺟﺒﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺑﻬﺎ ﺷﺮﻋﺎ ﻛﺮاﻣﺔ ﻟﻬﺬﻩ اﻷﻣﺔ

ﺛﻢ اﻻﺟﻤﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ:
1 - ﺇﺟﻤﺎﻉ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ اﻟﺤﺎﺩﺛﺔ ﻧﺼﺎ؛
2 - ﺛﻢ ﺇﺟﻤﺎﻋﻬﻢ ﺑﻨﺺ اﻟﺒﻌﺾ ﻭﺳﻜﻮﺕ اﻟﺒﺎﻗﻴﻦ ﻋﻦ اﻟﺮﺩ؛
3-  ﺛﻢ ﺇﺟﻤﺎﻉ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻴﻪ ﻗﻮﻝ اﻟﺴﻠﻒ؛
4 - ﺛﻢ اﻹﺟﻤﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ ﺃﻗﻮاﻝ اﻟﺴﻠﻒ.

ﺃﻣﺎ اﻷﻭﻝ ﻓﻬﻮ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﺁﻳﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ.

ﺛﻢ اﻹﺟﻤﺎﻉ ﺑﻨﺺ اﻟﺒﻌﺾ ﻭﺳﻜﻮﺕ اﻟﺒﺎﻗﻴﻦ ﻓﻬﻮ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﻟﻤﺘﻮاﺗﺮ
ﺛﻢ ﺇﺟﻤﺎﻉ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﻣﻦ اﻷﺧﺒﺎﺭ.

ﺛﻢ ﺃﺟﻤﺎﻉ اﻟﻤﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ ﺃﻗﻮاﻝ اﻟﺴﻠﻒ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻣﻦ اﻵﺣﺎﺩ.

ﻭاﻟﻤﻌﺘﺒﺮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺒﺎﺏ ﺇﺟﻤﺎﻉ ﺃﻫﻞ اﻟﺮﺃﻱ ﻭاﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻼ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺑﻘﻮﻝ اﻟﻌﻮاﻡ ﻭاﻟﻤﺘﻜﻠﻢ ﻭاﻟﻤﺤﺪﺙ اﻟﺬﻱ ﻻ ﺑﺼﻴﺮﺓ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺃﺻﻮﻝ اﻟﻔﻘﻪ" انتهى.

يظهر من كلام الشاشي السابق أن الإجماع بمنزلة الوحي، يختلف بحسب قوة ثبوته فمنه ما هو بمنزلة القرآن ومنه ما هو بمنزلة المتواتر ومنه ما هو بمنزلة المشهور، ومنه ما هو بمنزلة خبر الآحاد، وهو كله أي الإجماع حكم شرع في فروع الدين اتفقت عليه الأمة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كرامة لهذه الأمة.

مما يعني أن الأمة لها حق التشريع بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشريعها كالوحي تماما بحسب الشاشي، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الإجماع عند ابن الفراء: 

قال اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ، ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻒ اﺑﻦ اﻟﻔﺮاء (اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ: 458ﻫـ) في العدة في أصول الفقه 1/170 : 

"اﻹﺟﻤﺎﻉ: اﺗﻔﺎﻕ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻌﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ اﻟﻨﺎﺯﻟﺔ.

ﻭﻳﻌﺮﻑ اﺗﻔﺎﻗﻬﻢ: ﺑﻘﻮﻟﻬﻢ، ﺃﻭ ﻗﻮﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻭﺳﻜﻮﺕ اﻟﺒﺎﻗﻴﻦ، ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻘﺮﺽ اﻟﻌﺼﺮ ﻋﻠﻴﻪ.

ﻭﻗﻴﻞ: ﻫﻮ ﻣﺄﺧﻮﺫ ﻣﻦ اﻟﻌﺰﻡ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻲء، ﻳﻘﺎﻝ: ﺃﺟﻤﻊ ﻓﻼﻥ ﻋﻠﻰ ﻛﺬا ﻭﻣﻌﻨﺎﻩ: ﻋﺰﻡ ﻋﻠﻴﻪ.
ﻭﻣﻨﻪ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻓﺘﻨﺎﺯﻋﻮا ﺃﻣﺮﻫﻢ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﺃﺳﺮﻭا اﻟﻨﺠﻮﻯ} 
ﻣﻌﻨﺎﻩ: ﻋﺰﻣﻮا ﻋﻠﻴﻪ. (هكذا نقلته من المصدر ولعله قصد قول الحق سبحانه : ﴿فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى﴾ فهو الذي فيه محل الشاهد.

ﻭﻣﻨﻪ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ: "ﻻ ﺻﻴﺎﻡ ﻟﻤﻦ ﻟﻢ ﻳﺠﻤﻊ اﻟﺼﻴﺎﻡ ﻣﻦ اﻟﻠﻴﻞ" ، ﻭﻣﻌﻨﺎﻩ: ﻳﻌﺰﻡ ﻋﻠﻴﻪ 

ﻭﻗﻴﻞ: ﻣﻌﻨﻰ اﻹﺟﻤﺎﻉ ﻭاﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﻣﺨﺘﻠﻒ؛ ﻷﻥ اﻹﺟﻤﺎﻉ ﻳﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ اﻟﻮاﺣﺪ ﻓﻴﻘﺎﻝ: ﻗﺪ ﺃﺟﻤﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﻛﺬا، ﻭﻻ ﻳﻘﺎﻝ: اﺟﺘﻤﻌﺖ ﺇﻻ ﻣﻊ ﺁﺧﺮ.

ﻭاﻻﺧﺘﻼﻑ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻻﺟﺘﻬﺎﺩ، ﻣﺜﻞ ﻭﺟﻮﺩ اﻻﺗﻔﺎﻕ." انتهى.

هذا التعريف مبهم حيث أن صاحبه لم يفصل عن حكم النازلة المجمع عليه، هل يشترط فيه أن يكون معتمدا على النص أم يمكن أن يكون مستقلا عن النص.

الإجماع عند ابن حزم:

قال ابن حزم في المحلى 1/75 :

"ﻭاﻹﺟﻤﺎﻉ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻴﻘﻦ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻋﺮﻓﻮﻩ ﻭﻗﺎﻟﻮا ﺑﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﺣﺪ، ﻛﺘﻴﻘﻨﻨﺎ ﺃﻧﻬﻢ ﻛﻠﻬﻢ - ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ - ﺻﻠﻮا ﻣﻌﻪ - ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ - اﻟﺼﻠﻮاﺕ اﻟﺨﻤﺲ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﻓﻲ ﻋﺪﺩ ﺭﻛﻮﻋﻬﺎ ﻭﺳﺠﻮﺩﻫﺎ، ﺃﻭ ﻋﻠﻤﻮا ﺃﻧﻪ ﺻﻼﻫﺎ ﻣﻊ اﻟﻨﺎﺱ ﻛﺬﻟﻚ، ﻭﺃﻧﻬﻢ ﻛﻠﻬﻢ ﺻﺎﻣﻮا ﻣﻌﻪ، ﺃﻭ ﻋﻠﻤﻮا ﺃﻧﻪ ﺻﺎﻡ ﻣﻊ اﻟﻨﺎﺱ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺮ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺸﺮاﺋﻊ اﻟﺘﻲ ﺗﻴﻘﻨﺖ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻴﻘﻴﻦ. ﻭاﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻘﺮ ﺑﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﻫﺬا ﻣﺎ ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﺃﺣﺪ ﻓﻲ ﺃﻧﻪ ﺇﺟﻤﺎﻉ. ﻭﻫﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻻ ﻣﺆﻣﻦ ﻓﻲ اﻷﺭﺽ ﻏﻴﺮﻫﻢ. ﻭﻣﻦ اﺩﻋﻰ ﺃﻥ ﻏﻴﺮ ﻫﺬا ﻫﻮ ﺇﺟﻤﺎﻉ ﻛﻠﻒ اﻟﺒﺮﻫﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻲ ﻭﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﻟﻴﻪ" انتهى.

إذا تأملت كلام ابن حزم هذا أدركت أنه يقصد بالإجماع ما نقل من السنة بالتواتر.

نكتفي بهذا القدر من التعاريف المختلفة للاجماع، لأننا في الحقيقة إذا تقصينا كل التعريفات سيطول بنا الحديث ويتشعب وليس هذا هو المراد، ونشرع في بيان ما يحتج به أهل الإجماع علي حجيته فنقول: 

أدلة الإجماع والرد عليها

إنك إذا نظرت في أدلة حجية الإجماع عند القائلين به، ودققت النظر ستجد هذه الحجج تنقسم إلى أربعة أقسام، وإليك بيانها إن شاء الله 

القسم الأول: الاستدلال بعمل الصحابة في الحكم

ومن أمثلة ذلك استدلالهم بجمع الصحابة رضوان الله عليهم للقرآن الكريم، وهذا من تلبيسهم على أنفسهم وعلى الناس، فجمع المصحف ليس حكما شرعيا فلا هو تحليل حلال ولا تحريم حرام، وهو داخل أصلا في المباح إذ لم يأت نص بتحريمه، لذلك من الخطأ والزيغ الاستدلال به على جواز التشريع بعد الوحي.

القسم الثاني أحاديث لزوم الجماعة: 

بهذا استدل الشافعي في الرسالة  1/474 حيث قال:

" ﻓﺈﻥ ﻗﺎﻝ: ﻓﻬﻞ ﻣﻦ ﺷﻲء ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﻭﺗﺸﺪﻩ ﺑﻪ؟
ﻗﻴﻞ: ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻋﻤﻴﺮ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ: ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻗﺎﻝ: " ﻧﺼﺮ اﻟﻠﻪ ﻋﺒﺪا " 
ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻟﺒﻴﺪ ﻋﻦ اﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻳﺴﺎﺭ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ: " ﺃﻥ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ ﺧﻄﺐ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﺠﺎﺑﻴﺔ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺇﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻗﺎﻡ ﻓﻴﻨﺎ ﻛﻤﻘﺎﻣﻲ ﻓﻴﻜﻢ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻛﺮﻣﻮا ﺃﺻﺤﺎﺑﻲ، ﺛﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻠﻮﻧﻬﻢ، ﺛﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻠﻮﻧﻬﻢ، ﺛﻢ ﻳﻈﻬﺮ اﻟﻜﺬﺏ، ﺣﺘﻰ ﺇﻥ اﻟﺮﺟﻞ ﻟﻴﺤﻠﻒ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﺤﻠﻒ، ﻭﻳﺸﻬﺪ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﺸﻬﺪ، ﺃﻻ ﻓﻤﻦ ﺳﺮﻩ ﺑﺤﺒﺤﺔ اﻟﺠﻨﺔ ﻓﻠﻴﻠﺰﻡ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ، ﻓﺈﻥ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻣﻊ اﻟﻔﺬ ﻭﻫﻮ ﻣﻦ اﻻﺛﻨﻴﻦ ﺃﺑﻌﺪ، ﻭﻻ ﻳﺨﻠﻮﻥ ﺭﺟﻞ ﺑﺎﻣﺮﺃﺓ، ﻓﺈﻥ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺛﺎﻟﺜﻬﻢ، ﻭﻣﻦ ﺳﺮﺗﻪ ﺣﺴﻨﺘﻪ، ﻭﺳﺎءﺗﻪ ﺳﻴﺌﺘﻪ، ﻓﻬﻮ ﻣﺆﻣﻦ" .

 ﻗﺎﻝ: ﻓﻤﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﺃﻣﺮ اﻟﻨﺒﻲ ﺑﻠﺰﻭﻡ ﺟﻤﺎﻋﺘﻬﻢ؟

ﻗﻠﺖ: ﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻪ ﺇﻻ ﻭاﺣﺪ.

ﻗﺎﻝ: ﻓﻜﻴﻒ ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻞ ﺇﻻ ﻭاﺣﺪا؟

ﻗﻠﺖ: ﺇﺫا ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻤﺎﻋﺘﻬﻢ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪاﻥ، ﻓﻼ ﻳﻘﺪﺭ ﺃﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﻠﺰﻡ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺃﺑﺪاﻥ ﻗﻮﻡ ﻣﺘﻔﺮﻗﻴﻦ، ﻭﻗﺪ ﻭﺟﺪﺕ اﻷﺑﺪاﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭاﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﻭاﻷﺗﻘﻴﺎء ﻭاﻟﻔﺠﺎﺭ، ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ ﻟﺰﻭﻡ اﻷﺑﺪاﻥ ﻣﻌﻨﻰ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ، ﻭﻷﻥ اﺟﺘﻤﺎﻉ اﻷﺑﺪاﻥ ﻻ ﻳﺼﻨﻊ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻠﺰﻭﻡ ﺟﻤﺎﻋﺘﻬﻢ ﻣﻌﻨﻰ، ﺇﻻ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺟﻤﺎﻋﺘﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻭاﻟﺘﺤﺮﻳﻢ ﻭاﻟﻄﺎﻋﺔ ﻓﻴﻬﻤﺎ.

ﻭﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺑﻤﺎ ﺗﻘﻮﻝ ﺑﻪ ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻘﺪ ﻟﺰﻡ ﺟﻤﺎﻋﺘﻬﻢ، ﻭﻣﻦ ﺧﺎﻟﻒ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻝ ﺑﻪ ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻘﺪ ﺧﺎﻟﻒ ﺟﻤﺎﻋﺘﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﺃﻣﺮ ﺑﻠﺰﻭﻣﻬﺎ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺗﻜﻮﻥ اﻟﻐﻔﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﺮﻗﺔ، ﻓﺄﻣﺎ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺎﻓﺔ ﻏﻔﻠﺔ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﻛﺘﺎﺏ ﻭﻻ ﺳﻨﺔ ﻭﻻ ﻗﻴﺎﺱ، ﺇﻥ ﺷﺎء اﻟﻠﻪ" انتهى. 

إن إذا تأملت الحديث الذي ساقه الشافعي والأحاديث التي تحض على لزوم الجماعة، لأدركت أنه يتحدث عن حرمة شق عصى المسلمين والخروج عليهم، كما بينت أحاديث هذا الباب، والحديث أصلا لا يتحدث عن التشريع ولا عن الالتصاق بالأبدان كما وهم الشافعي بكلامه، فالتشريع أصلا حق إلهي محض وليست الأمة شريكة لله عز وجل فيه سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا، ولكن الشافعي أهمل المعنى الحقيقي للحديث - والذي لا يغيب عن أحد - ليوهم أن للحديث معنيين الالتصاق بالأبدان، أو اتباع فتواهم، ولا ثالث وما دام الالتصاق بالأبدان محال لم يبق إلا اتباع الفتوى بحسب المنطق الذي انطلق منه، وهو منطلق فاسد أصلا فالحديث كما أسلفت لا يتحدث لا عن الالتصاق بالأبدان ولا عن الفتوى وإنما عن لزوم جماعة المسلمين بعدم الخروج على إمامهم المبايع.

القسم الثالث اتباع سبيل المؤمنين

ومن أشهر أدلته قول الحق سبحانه : 

﴿ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا﴾

وقوله : 

﴿فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم﴾

وهذه الآيات وغيرها إنما تحض على اتباع سبيل المؤمنين الذي باتباعه صاروا مؤمنين، وهو التسليم لله عز وجل والسمع والطاعة وحسب، وقد بينه ربنا عز وجل في قوله سبحانه: 

﴿إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون﴾

فليس للمؤمنين سبيل غير اتباع الوحي، ومن جعلهم مشرعين مستقلين عن الوحي كما أوهم الشافعي في كلامه الذي أوردنا سابقا فقد افترى عليهم أعظم فرية وجعلهم ندا لله عز وجل، وهو بهذا عن سبيلهم لناكب.

القسم الرابع، ما ورد في فضل هذه الأمة 

وهو على قسمين، الأول ما كان من أحاديث تخبر أن الأمة لا تجتمع على ضلالة وهي أحاديث ضعيفة كما سنبين لاحقا، وقسم يتحدث عن فضلها على الأمم السابقة، وليس فيه حجة، لأن الله لم يعطها حق التشريع، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من كل الأمة، لم يجعله فضله مشرعا من تلقاء نفسه كما أخبر هو نفسه قائلا : 

﴿وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم﴾

فلا معنى إذا لجعل الأمة مشرعة باجتماعها مع الله سبحانه ولو كانت خير الأمم.

حديث لا تجتمع أمتي على ضلالة: 

1- ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺧﻠﻒ اﻷﻋﻤﻰ، ﺃﻧﻪ ﺳﻤﻊ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻳﻘﻮﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ:
«ﺇﻥ ﺃﻣﺘﻲ ﻟﻦ ﺗﺠﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺿﻼﻟﺔ، ﻓﺈﺫا ﺭﺃﻳﺘﻢ اﻻﺧﺘﻼﻑ، ﻓﻌﻠﻴﻜﻢ ﺑﺎﻟﺴﻮاﺩ اﻷﻋﻈﻢ».

ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ (1221) ﻗﺎﻝ: ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ ﻫﺎﺭﻭﻥ، ﻗﺎﻝ: ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺑﻘﻴﺔ ﺑﻦ اﻟﻮﻟﻴﺪ. ﻭ«اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ» (3950) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎﻥ اﻟﺪﻣﺸﻘﻲ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﻮﻟﻴﺪ ﺑﻦ ﻣﺴﻠﻢ.

ﻛﻼﻫﻤﺎ (ﺑﻘﻴﺔ، ﻭاﻟﻮﻟﻴﺪ) ﻋﻦ ﻣﻌﺎﻥ ﺑﻦ ﺭﻓﺎﻋﺔ اﻟﺴﻼﻣﻲ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺃﺑﻮ ﺧﻠﻒ اﻷﻋﻤﻰ، ﻓﺬﻛﺮﻩ.

ﺃﺧﺮﺟﻪ اﺑﻦ ﻋﺪﻱ، ﻓﻲ «اﻟﻜﺎﻣﻞ» 8/ 38، ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻣﻌﺎﻥ ﺑﻦ ﺭﻓﺎﻋﺔ، ﻭﻗﺎﻝ: ﻭﻣﻌﺎﻥ ﺑﻦ ﺭﻓﺎﻋﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻣﺎ ﻳﺮﻭﻳﻪ ﻻ ﻳﺘﺎﺑﻊ ﻋﻠﻴﻪ.

2- ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺩﻳﻨﺎﺭ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ، ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ:
«ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺠﻤﻊ ﺃﻣﺘﻲ، ﺃﻭ ﻗﺎﻝ: ﺃﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺿﻼﻟﺔ، ﻭﻳﺪ اﻟﻠﻪ ﻣﻊ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ، ﻭﻣﻦ ﺷﺬ، ﺷﺬ ﺇﻟﻰ اﻟﻨﺎﺭ».

ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺘﺮﻣﺬﻱ (2167) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻧﺎﻓﻊ اﻟﺒﺼﺮﻱ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﻤﻌﺘﻤﺮ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ اﻟﻤﺪﻧﻲ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺩﻳﻨﺎﺭ، ﻓﺬﻛﺮﻩ.

ﻗﺎﻝ اﻟﺘﺮﻣﺬﻱ: ﺳﺄﻟﺖ ﻣﺤﻤﺪا، ﻳﻌﻨﻲ اﺑﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ اﻟﻤﺪﻧﻲ ﻫﺬا ﻣﻨﻜﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﻫﻮ ﻋﻨﺪﻱ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺳﻔﻴﺎﻥ، ﻭﻗﺪ ﺭﻭﻯ ﻋﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺳﻔﻴﺎﻥ: ﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ اﻟﻄﻴﺎﻟﺴﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻋﺎﻣﺮ اﻟﻌﻘﺪﻱ، ﻭﻏﻴﺮ ﻭاﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ. «ﺗﺮﺗﻴﺐ ﻋﻠﻞ اﻟﺘﺮﻣﺬﻱ اﻟﻜﺒﻴﺮ» (597).

3- ﻋﻦ ﺭﺟﻞ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺑﺼﺮﺓ اﻟﻐﻔﺎﺭﻱ، ﺻﺎﺣﺐ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ:
«ﺳﺄﻟﺖ ﺭﺑﻲ، ﻋﺰ ﻭﺟﻞ، ﺃﺭﺑﻌﺎ, ﻓﺄﻋﻄﺎﻧﻲ ﺛﻼﺛﺎ، ﻭﻣﻨﻌﻨﻲ ﻭاﺣﺪﺓ، ﺳﺄﻟﺖ اﻟﻠﻪ، ﻋﺰ ﻭﺟﻞ، ﺃﻥ ﻻ ﻳﺠﻤﻊ ﺃﻣﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﺿﻼﻟﺔ, ﻓﺄﻋﻄﺎﻧﻴﻬﺎ، ﻭﺳﺄﻟﺖ اﻟﻠﻪ، ﻋﺰ ﻭﺟﻞ، ﺃﻥ ﻻ ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻋﺪﻭا ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ, ﻓﺄﻋﻄﺎﻧﻴﻬﺎ، ﻭﺳﺄﻟﺖ، اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ، ﺃﻥ ﻻ ﻳﻬﻠﻜﻬﻢ ﺑﺎﻟﺴﻨﻴﻦ، ﻛﻤﺎ ﺃﻫﻠﻚ اﻷﻣﻢ ﻗﺒﻠﻬﻢ, ﻓﺄﻋﻄﺎﻧﻴﻬﺎ، ﻭﺳﺄﻟﺖ اﻟﻠﻪ، ﻋﺰ ﻭﺟﻞ، ﺃﻥ ﻻ ﻳﻠﺒﺴﻬﻢ ﺷﻴﻌﺎ، ﻭﻳﺬﻳﻖ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﺄﺱ ﺑﻌﺾ، ﻓﻤﻨﻌﻨﻴﻬﺎ»

ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ 6/396 (27766) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻳﻮﻧﺲ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻟﻴﺚ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻭﻫﺐ اﻟﺨﻮﻻﻧﻲ، ﻋﻦ ﺭﺟﻞ ﻗﺪ ﺳﻤﺎﻩ، ﻓﺬﻛﺮﻩ.

فيه مجهول.

4- ﻋﻦ ﺷﺮﻳﺢ ﺑﻦ ﻋﺒﻴﺪ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﺎﻟﻚ، ﻳﻌﻨﻲ اﻷﺷﻌﺮﻱ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
«ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﺃﺟﺎﺭﻛﻢ ﻣﻦ ﺛﻼﺙ ﺧﻼﻝ: ﺃﻥ ﻻ ﻳﺪﻋﻮ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻧﺒﻴﻜﻢ ﻓﺘﻬﻠﻜﻮا ﺟﻤﻴﻌﺎ، ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳﻈﻬﺮ ﺃﻫﻞ اﻟﺒﺎﻃﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ اﻟﺤﻖ، ﻭﺃﻥ ﻻ ﺗﺠﺘﻤﻌﻮا ﻋﻠﻰ ﺿﻼﻟﺔ».

ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ (4253) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ اﻟﻄﺎﺋﻲ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺃﺑﻲ، ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻋﻮﻑ: ﻭﻗﺮﺃﺕ ﻓﻲ ﺃﺻﻞ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺿﻤﻀﻢ، ﻋﻦ ﺷﺮﻳﺢ، ﻓﺬﻛﺮﻩ

ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ اﻟﺮاﺯﻱ: ﺷﺮﻳﺢ ﺑﻦ ﻋﺒﻴﺪ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﺎﻟﻚ اﻷﺷﻌﺮﻱ، ﻣﺮﺳﻞ. «اﻟﻤﺮاﺳﻴﻞ» ﻻﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺎﺗﻢ (327).

هذه هي حجج القائلين بالإجماع، وهي كما ترى ليست فيها حجة، والاحتجاج بها دليل على الجهل بماهية الإسلام أصلا، فمن قرر أن يسلم نفسه لله يستحيل عليه أن يأخذ مشرعا مع الله كائنا من كان، لأنه ساعتها يصبح مشركا شركا بينا لا لبس فيه، لذلك لا معنى أصلا للبحث عن مشرع مع الله عند من فهم الإسلام.
author-img
داعية يحاول تقفي أثر الأنبياء في الدعوة

تعليقات

فهرست المقال