القائمة الرئيسية

الصفحات


توطئة

لقد رأينا في ماهية الإسلام أن يسلم المرء نفسه لله عز وجل وحده ولا يكون ذلك إلا بتوحيد مصدر التلقي والتشريع، فلا مصدر يتلقى منه ثقافته وفكره والأوامر والنواهي غير وحي الله عز وجل، وذلك من خلال اتباع إمام واحد هو من اختاره الله عز وجل ليكون رسوله إلى الناس كافة ليأتموا به ويتبعوه حصرا.


أي أن المسلم له إله واحد، وإمام واحد، ومصدر واحد يتلقى منه كل شيء، وبهذا فقط يتحقق الإيمان على الوجه المرضي عند الله عز وجل الذي هو شرط التمكين الموارد في قوله سبحانه : 

﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون﴾

ما الذي ميز الصحابة

إن جيل الصحابة لم يتميز عن باقي الإمة إلا بتوحيد المشرع، وتوحيد الإمام وتوحيد مصدر التلقي، فالصحابة لم يكن لديهم مشرع يشرع لهم غير الله عز وجل، لا مجتهدين ولا رأي، ولم يكن لهم مصدر يتلقون منه التشريع والثقافة، غير وحي الله عز وجل، ولم يكن لهم إمام يقتدون به غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتحولوا من مجتمع جاهلي يعيش في أشد الظلمات حلكة، إلى أرقى مجتمع عرفته البشرية على مر العصور، محققين بذلك وصف الله للمؤمنين في قوله عز وجل:

﴿الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون﴾

وتحقق لهم النصر والتمكين في برهة من الزمن بالرغم من انعدام جميع الأسباب المادية للنصر، فلم يكن عند الصحابة رضوان عليهم اكتفاء ذاتي في أي مجال أيا كان، بل كانوا يعانون من مجاعة شديدة وشح في الأسلحة، وبالرغم من ذلك لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهم أعظم قوة في العالم حينها.

إنه من الضروري أن نفهم جيدا ونتذكر أنه لا يوجد إسلامان، إسلام خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم، وإسلام خاص بنا، إنما هو إسلام واحد يقوم على إله واحد وإمام واحد ومصدر للتلقي واحد، من اعتنقه وعمل به، اعتنق وعمل بما عمل به الصحابة رضوان الله عليهم، واهتدى لقول الحق سبحانه: 

﴿فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم﴾

ومن أراد إسلاما غيره كأن يتبع أئمة غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يكون له مصدر للتلقي والتشريع غير الوحي، فإنما يخادع نفسه، وليس بمسلم، وسيضرب الله عليه الذلة والمسكنة والتاريخ خير شاهد، فمنذ ظهور المذاهب الفقهية والعقدية، والأمة تتجرع الذلة والمهانة بدءا بالحملات الصليبية، مرورا بالتتار ومحاكم التفتيش في الأندلس إلى الإستعمار في واقعنا المعاصر، والله المستعان.


author-img
داعية يحاول تقفي أثر الأنبياء في الدعوة

تعليقات

فهرست المقال