القائمة الرئيسية

الصفحات


الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد 
نواصل مع جرد النتائج الكارثية التي أصابتنا عندما هجرنا تدبر القرآن، راجين من الله عز وجل أن تلقى حروفنا قلوبا حية تغير هذا الواقع المرير الذي تتخبط فيه الأمة منذ قرون، واليوم سنقف مع نتيجة كارثية لعدم تدبر القرآن نشأت بعدما صارت قلوبنا غلف لا تفهم الوحي التي ناقشناها في المقال سابق من هذه السلسلة، فنقول مستعينين بالله عز وجل
لقد أنزل الله إلينا آيات بينات توضح كل شيء، بما فيه القرآن نفسه وآيه وكيفية التعامل معه، ومن تلك الآيات قول الحق سبحانه: 
﴿هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب﴾
فبين ربنا عز وجل، أن آيات الكتاب منها المحكمات وهن أم الكتاب، ومنها المتشابهات، وأرشد سبحانه إلى الإيمان به كله دون التفريق بينه، كما أرشد في آيات أخريات إلى طاعة ما فيه من أوامر، وترك ما نهى عنه، ثم بين سبحانه على أن هناك صنف من الناس في قلوبهم زيغ، هم الذين يسعون وراء المتشابه، وبين هدفهم من ذلك وهو تأويل المتشابه والفتنة والعياذ بالله.
إن المؤمن عند قراءة هذه الآية وتدبرها يفعل ما أرشد إليه ربه من الإيمان بالكتاب كله، ويتجنب البحث عن تأويل المتشابه، لأن ذلك علامة زيغ القلب، وهذا الذي فعله الصحابة رضوان الله عليهم، ومن تبعهم، آمنوا بالكتاب كله وأحلوا حلاله وحرموا حرامه وأطاعوا أوامره، ولم يقربوا حدود الله، ففازوا بالتمكين في الدنيا، وبالجنان في الآخرة، ثم ظهرت بعد ذلك فرق ضالة نبذت الكتاب وراء ظهورها، وصارت قلوبها غلف، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، فهجروا تدبر القرآن فكانت الكارثة.
نعم كانت الكارثة باتباع المتشابه، وبدأ النقاش أول ما بدأ بالقدر، فكفرت طائفة وآمنت طائفة، ثم تطور الأمر فبدأ النقاش حول قول الحق سبحانه: 
الرحمن على العرش استوى
وازدادت الفتن لتعم كل الآيات التي تحدثت عن صفات الله عز وجل، وظهرت الفرق، كل يعبد إلها بصفات تختلف عن صفات إله الآخر، وكل فرقة تبدع أو تكفر الأخرى، والكل والحمد لله لا ينتسب إلى الإسلام، فبعضهم يتنازع لقب السنة والجماعة، كحال الأشعرية والسلفية، فكل فرقة منهما تدعي أنها هي التي تمثل أهل السنة والجماعة، والبعض الآخر يتنازع لقب شيعة آل البيت وهم أكثر فرقة وأشد عداوة. 
كل هذا حدث حين زاغت القلوب فابتغت تأويل المتشابه، وما كانت القلوب لتزيغ لو أنها تدبرت آية آل عمران السابقة، ولكن ما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون. 
إنه من المؤسف حقا أن تكون آية آل عمران ذريعة عند البعض للصد عن كتاب الله عز وجل، وعن تدبره، المرء عندهم غير مخول لفهم الوحي بحجة أن فيه المتشابه، وكأن الله أعماهم عن شطر الآية الذي يتحدث عن الآيات المحكمات اللاتي هن أم الكتاب، فيصدون عن والقرآن وتدبره وينهون وينأون عنه، تماما كما أخبر الله عز وجل عن الكافرين في قوله:
﴿وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون﴾
 وفي نفس الوقت لا تكون هذه الآية نفسها سببا في هدايتنا لترك البحث في تأويل المتشابه، كما فعلت مع المؤمنين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت هذه الآية لهم هداية ورحمة، وكانت لنا زيادة في الخسران، فتحقق فينا قول الحق سبحانه: 
﴿وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا﴾
ولا حول ولا قوة إلا بالله، فهل من متعظ؟! 

author-img
داعية يحاول تقفي أثر الأنبياء في الدعوة

تعليقات

4 تعليقات
إرسال تعليق
  1. بسم الله الرحمن الرحيم , اعجبنى هذا المقال الجميل وما فية من موعظه ولكن لفت انتباهى بعض الاشياء التى احب ان اشاركها معكم, اولا وجب ان يكون اسم الموضوع احذر من الوقوع فى فخ المستشرقين او الذين يفسرون القرأن عل اهواءهم او ان يتحدث المقال عما حدث للمسلمين من هوان وتخبط وذلة وتشتت لانهم هجروا القرأن الكريم تلاوة وتفسيرا وتطبيقا فانى احس بان عنوان المقال لا يتماشى مع موضوعه , واشكر لكم رحابة صدركم , وشكرا علي هذة المدونة الرائعة

    ردحذف
    الردود
    1. الشكر لك على ملاحظاتك، في الحقيقة أن الشبهات لم يعد المستشرقون وحدهم من يثيرها فمنذ قرون والأمة تسعى وراء المتشابه وتترك المحكم وهذا هو الذي أنتج المذاهب العقدية المختلفة كالخوارج والمرجئة والقدرية والمعتزلة وووو غيرهم كثير

      حذف
  2. بسم الله الرحمان الرحيم إن القرأن الكريم هو حبل الله المتين وجب علينا ألا نهجره فمن تمسك به نجا من شر الدنيا و من لم يتمسك به هلك , فيه الهدى و النور و الرحمة و الشفاعة
    قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً* وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}

    ردحذف

إرسال تعليق

فهرست المقال