القائمة الرئيسية

الصفحات


‏بعث رسول اللّٰه ﷺ في مجتمع جاهلي بلغت به الوحشية مدى لم تبلغه وحوش الغابة، فالرجل يدفن ابنته حية، مجمتع مستعمَر من قِبل مستعمَر للروم أو للفرس، ‏مجتمع لم يبق له من الإنسانية سوى الشكل أو بعض القيم العامة، وطبعا لما بعث رسول اللّٰه ﷺ حاربوه، وعادوه، لأن من اعتاد الظلام يستوحش النور، ‏ولم تؤمن به إلا طائفة قليلة أراد اللّٰه بها خيرا، هذه الطائفة لم يكن لها من العلوم شيئا سوى لسان العرب ، فلا فقه ولا أصوله ولا تفسير … إلخ، ‏ولكنها كانت نقية مسلمة لله علمت أن دورها السمع والطاعة وحسب فالتزمت بما حُملت ولم تشغل نفسها بما لم تحمَّل -كما فعلنا نحن- فما كانت النتيجة؟

‏خلال اثنين وعشرين سنة فقط تحولت تلك الطائفة المتوحشة بالأمس إلى أرقى شعب عرفته البشرية، وأعتى قوة على الأرض يفر من أمامها قيصر كما حدث في غزوة تبوك فما السبب؟

‏إنه وعد الله الذي لا يتبدل بالتمكين لمن وفى بعهده ولو لم يملك من مقومات النصر شيئا سوى الوفاء بعهد اللّٰه .

ظلت الأمة محافظة على العهد ‏قرابة قرنين ثم بدأت بنبذ العهد من خلال الاشتغال بما لم تكلف به، والتقول في دين الله، فبدأ الانحدار ولكوننا كنا في الذرى احتجنا وقتا كثيؤا لنصل للثرى.

‏إن تجربة رسول اللّٰه ﷺ مع صحابته رضوان اللّٰه ليست تجربة متعلقة بذاته ﷺ كما يتصور البعض، وإنما متعلقة بوعد اللّٰه، متى وجدت جماعة تفي بوعد اللّٰه، وفى اللّٰه لها ‏بوعده، وهذه سنة الله لا تتبدل.

من الشواهد التاريخية على ما سبق قصة نشأة دولة المرابطين وقصة سقوطها، فدولة المرابطين قامت على الكتاب والسنة، فنمت وازدهرت بشكل سريع وفتحت مساحات شاسعة في ظرف يسير، ولما ضمت المغرب والأندلس بدأت بالسقوط لأنها لم تدرك أن مرض الأمة يكمن في تحريف ‏الدين على أيدي من يظنهم الناس علماء وهم في الحقيقة شياطين أشد أعداء الأمة فتكا بها ولكنهم لا يشعرون.

إن ما أريد قوله أن نصرنا مربوط بالتزامنا ‏بما حمِّلنا فقط، وهو السمع والطاعة فليس لنا حق فيما سواه، وهو أمر سهل، لكن من يقتات على الدين ويريد السمعة لن يكتفي بمجرد البلاغ عن الله ‏ورسوله، بل يجب أن يدرج رأيه ليقال عالم، وماهو بعالم، بل رأس ضلالة، كما ورد في حديث قبض العلم والله المستعان 

فهل من مدكر؟!
author-img
داعية يحاول تقفي أثر الأنبياء في الدعوة

تعليقات

فهرست المقال