القائمة الرئيسية

الصفحات

تدبر الآية الرابعة من سورة الفاتحة : مالك يوم الدين

الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور، الحمد لله الحكيم العليم الذي جعل الدنيا دار عمل والآخرة دار الجزاء، والصلاة والسلام على من بعث بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين وبعد

بفضل الله ومنه وكرمه وجوده نواصل مشروع لنتدبر القرآن طائعين لله حيث أمرنا بتدبر كتابه وراجين أن يكون القرآن لنا نورا وهدى ورحمة كما هو للمؤمنين ، في هذا المقال ستندبر الآية الرابعة من سورة الفاتحة وذلك بعد ان عشنا مع الآيات التي قبلها في المقالات السابقة بفضل الله وكرمه سبحانه.

قبل أن أبدأ أذكرك أخي الكريم أن هدفنا الأهم ليس أن تقرأ تدبرنا بتمعن وحسب، بل الأهم أن تتدبر أنت كتاب الله وتشاركنا تدبرك أخي الكريم، فيكون الموقع مكان لتدارس القرآن الكريم وهو هدف عظيم حض عليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :

وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ،
مسلم ح 2699

لذلك أرجو أن تتدبر الآية وتكتب تدبرك في تعليق لنتدارسه وإليك مقال يعينك على التدبر وهو كيف نتدبر القرآن ؟

آيتنا التي سنعيشها في هذا المقال نستنير بنورها هي قول الله عز وجل في سورة الفاتحة :

مالك يوم الدين

وقرأت ب :

ملك يوم الدين

فنقول نستعينين بالله

في السان العربي

مالك الشيء هو من يملكه وملك الشيء هو المتصرف فيه .

الدين مصدر دان ومعاني دان كثيرة كلها مشتقة من انقاد وذل وخضع .

في القرآن

في القرآن الكريم وردت كلمة "الدين" في عدة مواضع كلها بمعنى الانقياد والخضوع المطلق أذكر منها قول الله سبحانه وتعالى :

أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ (٣) الزمر

التدبر

بعد أن عرفنا معنى مالك يوم الدين أدعوك أخي الفاضل لتدبرها، ولذلك كررها عدة مرات قبل مواصلة القراءة لعل الله يفتح عليك ما لم يفتح علينا فلا حدود لفضله وكرمه .

مالك يوم الدين

عندما نقرأ هذه الآية نتذكر يوم الدين، يوم الآخرة فلماذا هذا التوكيد عليه وما علاقته بالحمد الذي بدأت به الآيات ؟

إن الإيمان بيوم الدين، يوم الجزاء، أمر محوري في ملة المؤمن وأحد أهم الدوافع للعمل الصالح، وهو اليوم الذي يعمل له المؤمن باستمرار، فكثيرا ما نقرأ في كتاب الله  "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر" في صيغ مختلفة كما نقرأ كثيرا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر" فالتذكير به هنا لغرض كبير فهو من أساسيات ملة المؤمن التي تميزه عن غيره .

إن التذكير بيوم الدين وما يتبعه من عقاب وجزاء لابد منه للمؤمن في حياته ليعيد ترتيب أولوياته في هذه الحياة ولا يغتر بها فتهلكه كما أهلكت من قبله، وذلك أن الله قسم الناس إلى قسمين، قسم يريد الدنيا وقسم يريد الآخرة، ثم بين أن من أراد الدنيا خسر الآخرة والعياذ بالله حين قال : 

مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ (١٥) أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٦) هود.

فكان لابد من تذكير المؤمن بيوم الدين على هذا النحو المتكرر حتى لا تغره الحياة الدنيا بمشاغلها ومشاكلها فينجرف وينسى أنه لم يخلق لها.

الحمد لله ملك يوم الدين تعبير عن الرضا والشكر لله مالك وملك يوم الدين فهو كما أسلفت يوم المؤمن الذي ينتظره ويعمله ويرجو ان يدخله الله في رحمته ويدخله جنته لذلك وجب الحمد لله على ملكه وتصرفه في هذا اليوم الهام

مالك يوم الدين    مالك يوم الدين  مالك   يوم الدين

لم يبقى شيء خارج عن ملكه عزله وجل فهو رب العالمين وهو مالك وملك يوم الدين فله الأولى والآخرة فلا مفر منه إليه ولابد من التسليم له سبحانه وتعالى .

بمقالي هذا أكون قد طرقت باب تدبر آية مالك يوم الدين وبقي الكثير والكثير أخي القارئ فالهمة الهمة فكتاب الله معين علم لا ينضب .

اللهم اجعل تدبرنا هذا خالصا لوجهك الكريم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
author-img
داعية يحاول تقفي أثر الأنبياء في الدعوة

تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق
  1. بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا
    أود أن أضيف أنه ليس صدفة أن يختار الله اسم يوم الدين من بين الأسماء الكثيرة لهذا اليوم ولعل السر في اختيار اسم يوم الدين أنه يوم يدان فيه الناس بأعمالهم فيكون تذكره دافع للمؤمن بأن يعمل صالحا

    ردحذف
  2. جزاكم الله خيرا..على قدر ما أفهمني ربي عزوجل أنه في مطلع السورة بدأها سبحانه بقصر الحمد والإقرار بالفضل له وحده لأنه رب العالمين( أي خالق الكون من العدم و مالكه والمربي لخلقه والمحاسب لهم والمجازي على أعمالهم) .. ومنح المخلوقات ومنها الإنسان مختلف النعم يتصرفون فيها ولهم ملكية *مؤقتة* عليها.. كل هذا لأنه الرحمن الرحيم... فإذا جاء يوم الحساب سلب سبحانه وتعالى هذه النعم *كلها*(كل ما كان بحوزتك وتحت تصرفك من أشياء مملوكة لك وحتى أعضاءك التي كنت توجهها بأرادتك) فلن تملك منها شئ ولن يكون لك إرادة أو تحكم فيها... فالمالك والمتصرف *الأوحد* وقتها هو الواحد الديان

    ردحذف

إرسال تعليق

فهرست المقال